منذ زمن اهتمّ العرب بإكرام الضّيف إكراماً أكثر من حدود الوصف، لو كان قريباً أو غريباً صديقاً أو حتى عدّواً.
لقد كان إكرام الضيف في البادية وانتقل مع العرب إلى حياة المدينة ، فقد كانت العشائر في الصحراء تُشعِل النّار أمام بيوت الشعر ليلاً ليراها المسافر، فيذهب إليها ويأكل عشاءه و يرتاح ويجد مكاناً آمناً لنومه حتّى الصّباح .
و مع مرور الزّمن و مع تطور المدن واتساعها ومع وجود الفنادق والمطاعم وانتشارها قلَّت الضيافة القديمة، و رغم ذلك فما زال في حياة البدوي البعيدة عن مراكز المدن جزء كبير من مظاهر الضيافة العربية القديمة.
لكن أسلوب الضيافة هو الذي تغيّر و أصبح الكرم إسرافاً وكذباً ونفاقاً، فلو أراد أحد الآباء إقامة حفل زفاف لأحد أبنائه فيجب أن لا ينقص عدد المناسف عن المئة كحد أدنى و يجب أن يدعو جميع أهله ومحبيه وأصدقائه والجيران وتقديم الكنافة والقهوة العربيّة، وما يهمّ بعض الآباء فقط أن يقال عنه أنه كريم و أنه فعل ما لم يفعله سواه.
فبعد الزّواج بأسابيع قليلة نجد العريس وحيداً حزيناً يسدّد للبنك قيمة القرض بسبب هذا التصرف، أو قد تجد والد العريس يأكل "الفول و الفلافل" بدلاً من أكل المناسف التي فعلاً لا تقبل التنافس.