"أربعون ألف رسم كاريكاتوري"، انتهت "بحنظلة" الذي صار بمثابة أيقونة تمثلُ الانهزامَ والضعف العربيَّين. لم تكن شخصية حنظلة التي ابتدَعَها الفنان "ناجي العلي" مجرَّدَ رسم كاريكاتوري تمثلُ صبياً في العاشرة من عمره أدار ظهره، وكتّف يديه خلفه كشاهد فقط، بل كانت رمزا دخل به "العلي" إلى قلوب الجماهير العربية عبر شخصية تجتمع فيها شخصية الشعب الفلسطيني المعذّب من جهة، والقوي من الجهة الأخرى.
ولد ناجي سليم حسين العلي في العام 1937، وحصَلَ على شهادة "ميكانيكا"، ثمَّ عمِلَ محرِّرا ورساما ومخرجا صحافيا في صحيفتي "الطليعة" و"السياسة" في الكويت، ثمَّ في "السفير" اللبنانية ف"القبس" الكويتية و"القبس" الدولية.
اغتاله شخصٌ ما يزالُ مجهولا في لندن العام 1987 مُنهياً برصاصته حياة مبدع لم يعرف الاستقرار أبدا، بل ذهَبَ أبعَدَ من الخوف، وهو يزيد من نشاطاته المعادية للاحتلال الصهيوني، ويرسمُ صورا جديدة ولافتة للمقاومة.
لم يكتفِ العلي بالرسم فقط، بل إنه كتبَ جملة من المقالات التي تدلُّ على وعيه الثوري، كما تدلُّ على إخلاصه لقضيته. وعن حنظلة يقول ناجي: ولد حنظلة في العاشرة في عمره، وسيَظلُّ دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادرَ فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء". وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأميركية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبّعا.
ويرى مبدعون أن ناجي العلي رسم الثورة والقضية بريشة فنان مبدع حرص على التحريض بسلاح السخرية والنقد اللاذع للأصدقاء والخصوم معا. ويؤكدون أنه عاش عمره وهو يبحث عن الحرية، مبينين أن فنه تميز بأسلوب لا مثيل له في معالجة القضايا السياسية والاجتماعية والإنسانية.