لقد كانت الحرب الكورية، علامة بارزة في الحرب الباردة التي نشبت بين القطبين الرأسمالي والشيوعي، والتي كانت الولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد السوفيتي أبرز أطرافها
كانت الأسباب المعلنة للحرب هي قيام كوريا الشمالية بالهجوم على الجزء الجنوبي، بعد انسحاب السوفييت والأمريكيين من الكوريتين. وكانت الأهداف المعلنة للشماليين، هي توحيد شطري كوريا. وفي مواجهة الاجتياح الكوري الشمالي، استصدرت الإدارة الأمريكية قرارا من مجلس الأمن الدولي، في غياب المندوب السوفييتي، يجيز التدخل عسكريا، لمنع الشماليين، من ضم الجنوب، بالقوة العسكرية. وتشكلت لذلك قوة رمزية دولية مكونة من 16 دولة، لكن الوجود الأمريكي، مثّل الثقل العسكري الحقيقي. وتمكن الأمريكيون من إرغام الكوريين الشماليين من الانسحاب من العاصمة الجنوبية، سيئول و إجبارهم على التراجع. لكن تدخل الصينيين لاحقا لنصرة حلفائهم بالشمال، قد فرض ذلك حقائق جديدة في مسرح الحرب، وتطور نتائجها الميدانية.
كان الأمريكيون، بقيادة الجنرال، "مارك أرثر" قد تمكنوا بقواتهم "الأممية"، من اختراق الشمال، واحتلوا العاصمة، بيونغ يانغ. إلا أن وصول تلك القوات للحدود الصينية، غيّر معادلة الحرب، وخلق حقائق جديدة في الواقع السياسي بشبه الجزيرة الكورية، بقيت حتى يومنا هذا.
حدثت نقطة التحول في هذه الحرب، عندما قام الجيش الشعبي الصيني السادس بقيادة الجنرال "لين بياو" بنجدة الشماليين، والدفاع عن الحدود الصينية. وتمكن الصينيون من استعادة بيونغ يانغ من الأمريكيين، وأعادوا احتلال سيئول. وشهدت الحرب كرًا وفرًا، وكانت النتائج تميل تارة لصالح الأمريكيين وأخرى لصالح الكوريين في الشمال. والمؤكد أن زج الصين الشعبية لجل ثقلها العسكري في ميدان المواجهة، لمساعدة النظام الشيوعي الكوري، قد أفشل المشروع الأمريكي. وتوقفت هذه الحرب بعد أن حصدت أربعة ملايين من القتلى والجرحى ومثلت قمة الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، دون غالب أو مغلوب، رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية، استخدمت في تلك الحرب، أسلحة محرمة دولية، من ضمنها أسلحة بيولوجية.
منذ التسعينيات، تغيرت الخارطة الكونية كثيرا، فقد سقط الاتحاد السوفييتي، و تفككت جمهورياته. وانتهى حلف وارسو، والتحق عدد كبير من أعضائه بالناتو، وأصبحوا أعضاء بالاتحاد الأوروبي، وبرزت الصين الشعبية كقوة اقتصادية صاعدة. لكن كوريا الشمالية، واصلت عزلتها ، ولم يكن أمامها من خيار لضمان قبضتها على الحكم، سوى الاستمرار في فرض الستار الحديدي، وكان خيارها لمواجهة الإعصار، هو التركيز على بناء ترسانتها العسكرية ودخول النادي النووي من أوسع أبوابه.