قد لا يكون من غريب المفارقات أن تتزامن المرحلة الصعبة التي يعيشها العالم العربي اليوم ، مع بروز تباشير التغيير في المجتمع المدني ، خصوصاً على مستوى القوانين التي تحدد مكانة المرأة في المجتمع. فهناك اليوم أكثر من مبادرة لمنح المرأة مزيداً من الحقوق المدنية والسياسية والدستورية, وتحقيق شيء من التطوّر والانفتاح في مجال الأحوال الشخصية الذي ما يزال مثار جدل ونقاش في أكثر من عاصمة عربيّة.
في المغرب مثلاً حسم الملك محمد السادس نقاشاً يتواصل منذ سنوات بين الليبراليين والمحافظين. إذ عبّر عن رغبته في تحقيق الإصلاحات المطروحة عبر إدخال تعديلات على قانون الأسرة المغربي، وذلك بوضع مسؤولية الأسرة على عاتق الزوجين بعد أن كانت حصرية على الزوج . كما أخضعت الزواج والطلاق وتقسيم الممتلكات و تعدد الزوجات لشروط مقيدة ومراقبة قضائية، إذ أصبح الزوج ملزماً بإقناع الجهات القضائية بضمان " العدل " بين الزوجة الأولى والثانية ، إن هو أراد التعدد، وبالحصول على الموافقة المسبقة للزوجة الأولى.
وفي الكويت هناك اتجاه واضح لمنح المرأة حق التصويت، وترشيح نفسها لعضوية مجلس الأمة ، لكن البداية قد تقتصر على منحها حقّ الترشح والتصويت في انتخابات المجلس المحلي. ومن المتوقّع أن تقرّ قمة مجلس التعاون الخليجي في (ديسمبر ) المقبل في الكويت تشكيل لجنة نسائية لأول مرة ، واللجنة أوصت بها هيئة استشارية كلّفت بوضع آلية لتفعيل مشاركة المرأة في المجلس .
وبعد اعتماد نظام الخُلع في مصر، تحلم نساء العراق بالحريّة وبالقوانين التي تضمن حقوقهنّ. أما في الأردن فتطالب النساء بوقف هذه المعادلة العبثية التي تجمع بين كلمتي " جريمة " و" شرف " في عبارة واحدة!
وبالطبع أثبتت التجربة أن القوانين وحدها لا تكفي لتغيير عادات وتقاليد مترّسخة في السلوك الجماعي ، من هنا جاءت ضرورة العمل على بثّ الوعي في مختلف أوساط المجتمع، لتحقيق هذا التطوّر الذي يأتي بطيئًا ، إنما عضوياً وواثقاً بحكم تطوّر العقليات والمجتمعات وقوانين الحياة، ولعل معارضة بعض التيارات السياسية في الأردن لتعديل المادة 340 من قانون العقوبات التي تمنح حكماً مخَفَّفَاً لمرتكبي " جرائم الشرف"، خير دليل على صعوبة التقدّم على طريق تغيير النظرة إلى المرأة في المجتمعات العربيّة