فوزي أبو دنيا قنصل مصر العام في بريطانيا يروي تجربته: التدخل لصالح المصريين في الخارج له حدود في هذا الحوار الذي أجري مع القنصل المصري قبيل أيام من انتهاء فترة عمله في لندن يتحدث عن تجربته في التعامل مع حوالي نصف مليون مصري في المملكة المتحدة. ويشرح أبو دنيا القيود التي تحد أحيانا من قدرة السلك القنصلي المسؤول الأول عن رعاية المصريين في الخارج على التصرف لتحقيق مطالب المصريين المغتربين. كما يقدم القنصل كشف حساب عن فترة العمل في بلد مهم حيث يعتبر أن خدمة رعاياه واحدة من أولويات سياسته الخارجية.
* كثيرون يرون أن السلك القنصلي المسؤول الاول عن رعاية المصريين في الخارج يستحق النظرة السلبية الحالية تجاهه... ما رأيك؟ { لا أتفق مع هؤلاء. فالقناصل المصريون في الخارج يبذلون أقصى جهد ممكن في حدود القانون الدولي وكذلك في حدود القانون الداخلي الساري في الدولة التي يوجد فيها مصريون. غير أن هناك حدودا لهذا الجهد. فمن غير المستطاع تدخل السفارة أو القنصلية للإفراج عن مواطن مصري ارتكب جرما جنائيا كبيرا مثل حيازة مخدرات أو سرقة باستخدام السلاح أو تزوير أوراق رسمية... الخ. كذلك فان ميزانية وزارة الخارجية ليس بها مخصصات تكفي لتوكيل محامين للدفاع عن مواطنين مصريين خرقوا قانون الدولة التي يعيشون فيها. وليس لدى القنصليات ميزانية لتوفير إقامة وإعاشة من لا مأوى له من المصريين في الخارج
* ماذا حققت القنصلية المصرية في بريطانيا للمصريين البالغ عددهم قرابة نصف مليون في ظل الحدود التي أشرت إليها؟ { أظن أننا طبقنا سياسة الحكومة ووزارة الخارجية في مجال الخدمات القنصلية للمواطنين المصريين في دائرة اختصاص القنصلية. وأستطيع أن أؤكد أن هناك زيادة كبيرة في إقبال المصريين علي القنصلية وإدراكهم أننا هنا للوقوف بجانبهم ومساعدتهم ونصحهم
وسوف أضرب لك مثالا يبرهن على ذلك. فقد أنشأنا موقعا الكترونيا للقنصلية على الإنترنت عام2004. وزاره أكثر من200 ألف زائر حتي ابريل2007. ومن خلال رصدنا لاتجاهات المصريين هنا فإن هذا الموقع ربط الجالية المصرية في المملكة المتحدة بالقنصلية. كما خلق تواصلا مباشرا بينها وبين مصر. وقد اعتدنا على الرد على أية استفسارات أو شكاوى تأتينا على عنواننا البريدي
وفضلا عن ذلك أصبح الموقع نافذة للسائحين ورجال الأعمال يتعرفون من خلاله على الخدمات القنصلية المتنوعة التي تقدمها القنصلية العامة. وأستطيع أن أقول أنه نتيجة للفعالية في التعامل مع المترددين على القنصلية فإننا حققنا زيادة مطردة في عدد السائحين من 500 ألف عام 2004 إلى أكثر من800 الف عام2005 ثم إلى اكثر من مليون عام2006 وربما يعتقد البعض أنه ليس لذلك علاقة مباشرة بخدمة المصريين في المملكة المتحدة. ولكني هنا أشير إلى أن زيادة عدد طالبي التأشيرات من البريطانيين أدت إلى ارتفاع في حصيلة الرسوم القنصلية التي توردها القنصلية لصالح الخزانة العامة للدولة. وفازت القنصلية العامة ببريطانيا بالمركز الاول على جميع السفارت والقنصليات المصرية بالنسبة لحصيلة رسوم التصديقات التجارية والتأشيرات عام2005. كما فازت بالمركز الاول ايضا عام2006 بالنسبة لحصيلة رسوم التأشيرات
* ما الذي كنت تود تحقيقه للمصريين هنا ولم يتحقق؟ { كنت أود ان يتم استخراج بطاقة الرقم القومي للمصريين من القنصلية. وعلى أيه حال فالموضوع محل متابعة وتعاون بين القطاع القنصلي بوزارة الخارجية ومصلحة الاحوال المدنية بوزارة الداخلية وبلغني بأنه سيحدث تطور قريب في هذا الشأن خاصة أننا نعرف من خلال متابعتنا لاهتمامات المصريين هنا أن هذا مطلب مهم بالنسبة لهم
* المملكة المتحدة بها عدد كبير من تجمعات المصريين فكيف تقيّم أداء هذه التجمعات وما هي أهم منافعها وعيوبها؟ { يوجد في بريطانيا تسعة تجمعات للمصريين. وأداء هذه التجمعات طيب بشكل عام. هناك بعضها على درجة عالية من النشاط مثل اتحاد المصريين في بريطانيا وجمعية الجالية المصرية في بلفاست بأيرلنده الشمالية والنادي المصري في اسكتلندة وجمعية الأطباء المصريين ورابطة أبناء النوبة المصريين وكل التجمعات في المملكة. ولهذه التجمعات فوائد. ولم ألحظ عيوبا لأي منها سوى بعض الخلافات والاحتكاكات التي حدثت في جمعية الجالية المصرية في المملكة المتحدة ومقرها لندن منذ3 سنوات بين بعض أعضاء مجلس وإدارتها. لكن هذه الخلافات انتهت مؤخرا وتكوّن مجلس ادارة جديد يسعى إلى تجاوز هذه المرحلة والتطلع إلى مستقبل أفضل لهذا التجمع الذي هو أقدم تجمعات الجالية في بريطانيا
* ما هي ابرز الصعوبات التي واجهتك في تنفيذ تكليف الحكومة لك برعاية المصريين في بريطانيا وربطهم بوطنهم؟ { قلة الاعتمادات المالية. فلم استطع إصدار نشرة شهرية موجزة من ورقتين بأهم الأخبار التي تهم الجالية المصرية في النواحي القنصلية خاصة مسائل التجنيد والأحوال الشخصية وأحوال الوطن التي تهم المصريين المغتربين خاصة أولئك الذين لا يملكون أجهزة كمبيوتر شخصية في منازلهم وليس لديهم القدرة على التعامل مع شبكة الانترنت سواء لأسباب ثقافية أو لقلة مواردهم المالية. وعدد هؤلاء كبير بين المصريين في بريطانيا. وكنت اود ان تكون تلك النشرة باللغة العربية كمصدر معلومات جيد لهذه الفئة. كذلك لم يكن بمقدور القنصلية تدبير مأوى لزوجة لجأت إلى القنصلية بعد منتصف الليل بعد أن طردها زوجها من منزل الزوجية واضطرت القنصلية إلى الاستعانة بقيادات الجالية التي دائما ما تهرع إلى القنصلية وتدبر الإقامة لليلة أوليلتين لهذه الزوجة ولحين حل الخلاف مع الزوج وذلك راجع أيضا إلى عدم وجود بنود في ميزانية السفارات والقنصليات المصرية لهذا النوع من المشكلات الإنسانية