يسمونها "أمريكا السعودية". هكذا جعلت طفرة الإنتاج النفطي في الولايات هذه التسمية تتردد على ألسنة الناس، وذهبت بعض التقديرات إلى أنّ البلاد ستتحول إلى مصدر صافٍ لخام النفط بنهاية العقد الجاري.
وتحمل هذه التوقعات وعداً بنمو كبير للشركات القادرة على الاستفادة من ذلك. لكن المتحمسين للطفرة النفطية الأمريكية كثيراً ما يطلقون ادعاءات مبالَغ فيها بشأن المستقبل. كاحتجاجات مناصري الحفاظ على البيئة إلى مدى دقة تقديرات هذه الاحتياطيات.
وارتفع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة إلى 6.5 مليون برميل يوميا بعد أن كان 1.5 مليون برميل يوميا. والتوقعات بأن تتجاوز الولايات المتحدة بحلول عام 2017 المملكة العربية السعودية، لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم، إضافة إلى سوائل الغاز الطبيعي مثل الإيثان، تتطلب أن يستمر النمو المتسارع في الأعوام الأربعة المقبلة أيضا.
وثمة أسباب عدة يمكن أن توقف مثل هذا التقدم. فربما تكون شركات النفط مبالغة في تفاؤلها بشأن المدى الطويل لاحتياطيات النفط الصخري الأمريكي الذي يعتبر مصدر الإنتاج الجديد، أو ربما يكون هناك تراجع سياسي بشأن "التكسير الهيدروليكي"، وهو إحدى التقنيات التي تسمح بتطوير تلك الاحتياطيات على أسس تجارية جذابة.
وهناك خطر آخر يتحدث عنه المحللون، بمن فيهم وكالة الطاقة الدولية، يتمثل في انخفاض مطّرد في الأسعار، بحيث تصبح دون المستوى الذي يجعل إنتاج النفط الصخري الأمريكي مجديًا اقتصاديًا. ومثل طفرة الغاز الصخري، طفرة النفط الصخري أيضًا يقودها منتجون صغار ومتوسطون وليس شركات النفط العالمية العملاقة. فالشركات النفطية العالمية بما فيها "إكسون موبيل"، و"شيفرون"، و"رويال داتش شل" بدأت للتو تحركها نحو حقول النفط الصخري، لكن الشركات الأكثر نشاطًا في منطقة "باكين" للنفط الصخري في "داكوتا" الشمالية، تضم مجموعات مثل "كونتيننتال ريسورسس"، و"هيس"، و"وايتنج بتروليوم". ومن دون مشاركة مجموعات النفط العالمية ذات الموارد المالية الهائلة، التي تعرضت بالفعل إلى ضغوط بسبب ضعف أسعار الغاز والغاز الطبيعي المسال، قد تضطر هذه الشركات إلى خفض استثماراتها في حال تعرضت أموالها إلى ضغط.
وبينما يتزايد إنتاج الولايات المتحدة من النفط، ستكون بلدان "أوبك" مضطرة إما إلى تقييد نمو متوقع في إنتاجها -سواء عن طريق تأجيل الاستثمار في طاقة إنتاجية جديدة أو وقف الطاقة الزائدة غير المستغلة- وإما إلى القبول بسعر أقل بكثير. وتعد المملكة العربية السعودية العضو الوحيد في "أوبك" الذي يملك طاقة احتياطية كبيرة، وكذلك القدرة على الاستثمار في طاقة إنتاجية إضافية، ما يجعل دورها محوريًا. فإذا زادت الإنتاج ودفعت أسعار النفط نحو الهبوط فمن الممكن أن تدمِّر صناعة النفط في الولايات المتحدة.
رفعت المملكة العربية الآن الإنفاق العام بحدّة. ويقدر معهد "التمويل الدولي" أن المملكة ستحتاج بحلول عام 2015 إلى أسعار نفط تبلغ 110 دولارات لموازنة ميزانيتها، إلا أن مسؤولين سعوديين شككوا في هذا التقدير، وسيكون سعر 60 دولارا موضع ترحيب في الرياض أكثر منه في" ويليستون" في "داكوتا الشمالية".
وبحدوث اتفاق بين المملكة العربية السعودية و"أمريكا السعودية"، فإنّ التهديد -أو الوعد بالنسبة للمستهلكين- المتمثل في انخفاض كبير في الأسعار لن يتحقق على الأرجح.