بعد أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها تغير توزيع القوى الدولية تغيراً جوهرياً فمن جهة أُولى أصاب الدول الاستعمارية الأوربية ( بريطانيا – فرنسا – ايطاليا ) وَهَن كبير وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك الأرجحية المطلقة في العالم الرأسمالي وخاصة بعد إزاحة المارد الياباني بقنبلتها الذرية التي – وببالغ الأسى- أدهشت العالم وبثت الرعب والذعر في النفوس وظلت تتدخل بالعالم وعلى سطح الكرة الارضية حتى أنهت الاتحاد السوفيتي وأصبحت هي القوة الوحيدة في العالم التي تهيمن على العالم عبر القواعد العسكرية وامتلاك السلاح النووي، وهكذا نلاحظ أن احتكار أمريكا للسلاح النووي قد قلب وجه التاريخ وغيّر خارطة العلاقات الدولية فأزاح وغيّب دولاً وأبرز بعضها الآخر وتوَّج أمريكا سيدة للكون بلا منازع وكان العصب القوي الذي ساهم من وقتها في رسم استراتيجية أمريكا وسياستها في العالم .
وعلى الرغم من كل المساعي والاجراءات والخطط التي وضعتها أمريكا لم تستطع امتلاك زمام الأمور ومنع العالم من تصنيع واقتناء السلاح النووي حيث وصلت الصين والهند والباكستان وإيران تقريباً إلى السلاح النووي لكن أمريكا عادت من جديد لتستخدم سطوتها وسلطتها وضغطها على الدول بالاعتماد على سلاحها النووي وخلو الساحة الدولية من منافس وندّ قوي لها حيث قامت بتوزيع قواها النووية على قارات العالم لتسهل على نفسها مهمة السيطرة بالقوة على العلاقات الدولية.
القوة النووية خلقت الأحلاف أدّت الحرب الثانية إلى تغيرات هامة وواسعة في العلاقات الدولية وفي بنية المجتمع الدولي وتركيبه حيث ظهرت خلافات وثم أحلاف عسكرية تضع لنفسها استراتيجية مستقلة حيث يضع كل حلف استراتيجية دفاع عن النفس ومقاومة الطرف الآخر.
وقد ظهر عدة أحلاف أهمها :حلف الناتو ، حلف وارسو ، حلف جنوب شرق آسيا ، حلف الانزوس ، ميثاق الريو.
وهذه المظاهر السابقة كرّست وجذّرت الانقسام ونقلت مظاهر الخلاف بين الشرق والغرب إلى العالم حيث ازدادت حدة الصراع وزادت قدرة كل طرف على تدمير الآخر وتدمير العالم وظهرت الحرب الباردة والتعايش السلمي والأمن الجماعي ثم استراتيجات الحد من الأسلحة النووية.
من هنا تتضح خطورة السلاح النووي وتأثيره على العلاقات الدولية، ولقد ساعدت أمريكا اسرائيل والباكستان وسمحت لهما بامتلاك السلاح النووي، لكنها اليوم تريد أن تمنع إيران وكوريا الشمالية من امتلاك هذا السلاح، لأن إيران تعادي اسرائيل وتقف إلى جانب الحق العربي. الانتشار النووي والأمن العالمي
اتخذت مشكلة الانتشار النووي مظاهر جديدة أشد خطورة وأقل تحديداً في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، بحيث أصبحت المشكلات الدولية المثارة أو التي يمكن أن تثار في أي وقت بفعل تطورات مهمة مثل انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور دول نووية جديدة، حيث تصدع النظام الدولي لمنع انتشار الاسلحة النووية.
وفي هذا الوقت نقول بكل حسرة أنَّ الموقف الآن وفي المستقبل متوقف على أخلاقية وعقلنة رؤوساء الدول النووية وقناعتهم أن ليس هناك مِن منتصر في الحرب النووية.