لقد أضحى موضوع حوار الحضارات من الموضوعات التي تحظى بأهمية متزايدة على الساحة الدولية، إذ بات مطروحاً بقوة على جدول أعمال معظم المؤتمرات والمنتديات الدولية سواء السياسية أو الثقافية أو حتى الاقتصادية. وسيتم التركيز فى هذا الشأن على جهود منظمة الأمم المتحدة.
منذ قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار قرارها رقم خلال دورتها رقم 53 بتاريخ 4 نوفمبر عام 1998 بشأن اعتبار عام 2001 سنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات، فقد توالت قرارات الجمعية العامة الصادرة فى هذا الشأن والتى تضمنت فى مجملها خطوات تنفيذية محددة في مجال تعزيز الحوار بين الحضارات. بموجب تلك القرارات تم تعيين الممثل الشخصي للأمين العام لسنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات وهو السيد "جيادومينكو بيكو" ، كما تم إنشاء الصندوق الانتماني لتعزيز الحوار بين الحضارات ودعوة جميع الحكومات ومؤسسات التمويل ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص للتبرع لهذا الصندوق. من ناحية أخرى شكّل الأمين العام للأمم المتحدة "فريق الأشخاص البارزين " من مختلف الخلفيات الحضارية والثقافية لكي يتولى إعداد وصياغة وثيقة تكشف عن أهمية الحوار بين الحضارات وتثبِّت له أسساً فكرية وسياسية ثابتة على نحو يكفل استمراره وتواصل حلقاته. وقد أتم الفريق عمله بعد اجتماعات طويلة عقدت فى "فيينا" ثم دبلن إيرلندة وأخيراً فى الدوحة بقطر، وذلك بتقديم وثيقة أو دراسة مفصلة حملت عنوان "عبور الفجوة واجتياز الخط الفاصل: الحوار بين الحضارات وقد قام فريق الشخصيات البارزة بتقديم الوثيقة إلى الأمين العام والتي تم عرضها وإقرارها من قبل الجمعية العامة.
وبتاريخ 21 نوفمبر 2001 أقرت الجمعية العامة ما يسمى بـــــِـ "البرنامج العالمي للحوار بين الحضارات" وقد تناول هذا البرامج العالمي الأهداف المنشودة من الحوار، كما تناول أيضاً المبادئ التي ينهض عليها هذا الحوار وإسهاماته، كما تطرق البرنامج أيضاً إلى عالمية الحوار فيما يتعلق بالمشاركة وبرنامج العمل الواجب تنفيذه للترويج للحوار.
وتنفيذاً لقرارات الجمعية العامة التي دعت الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل على تعزيز القدرة الإعلامية لإدارة شؤون الإعلام بهدف نشر المعلومات عن الحوار بين الحضارات بما يسهم في تعزيز التفاهم المتبادل والتعايش السلمي والتعاون الدولي، ولذلك تم فتح موقع جديد على الشبكة العالمية من أجل الدعاية لسنة الأمم المتحدة للحوار بين الحضارات، كما تم إعداد كُتيّبات معلومات أساسية للترويج لأهداف السنة.
ومن ناحيتها، قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بأنشطة متنوعة وجهود حثيثة تستهدف تعزيز الحوار بين الحضارات. وقد شملت هذه الأنشطة عقد مؤتمرات وحلقات دراسية ومنشورات وانتاج إعلامي. وقد صدر عن هذا المؤتمر "اعلان فيلينوس" الذي أكد على أن الحوار بين الحضارات هو الوسيلة الوحيدة لبناء عالم يسوده السلام والشعور بالكرامة والتضامن، ودعا الاعلان الحكومات والمجتمعات المدنية الى المبادرة بتعزيز الحوار بين الحضارات.